بقلم أ. إبتهاج علي
عندما كنت جالسة في قاعة الانتظار في إحدى المستشفيات، جلستْ بقربي طفلة خفيفة الظل ذات ثلاث سنوات تقريباً ، وكانت تحمل في يدها كيس من البطاطا ( شبس)،وكانت بين الفينة والأخرى تلتفت لي وتبتسم، بينما والدتها كانت تستلم وصفة الدواء لها ، وعندما انتهت الأم من أخذ الوصفة الطبية، جاءت لتصطحب ابنتها للمنزل وأثناء عودة الطفلة للبيت أقبل إليها طفلٌ صغير يقارب عمرها فابتسمت في وجهه ، وناولته حبة من كيس البطاطا وأدخلتها مباشرة في فمه ثم انصرفت ، شاهدت أم الطفل هذا المشهد فانزعجت كثيراً من سلوك الطفلة وجذبت طفلها بقوة من ذراعيه وقالت له بنبرّة حاده: لماذا يا صغيري قبلت أن تأكل من يدها ؟ وهمت بأن تلقي بما أكله خارج فم صغيرها.
بَدَا واضحًا أن هذه الأم حريصة كل الحرص على صحة طفلها. فهي أمٌ حذرة ومهتمة بما يتناوله صغيرها من طعام فتتأكد بأنه صحي ومفيد وغير ضار لمعرفتها بمخاطر الطعام المليء بالمواد غير الصحية.
فهل سألنا أنفسنا يوما قط ! أو وقفنا وتأملنا برهة في هذا المشهد، ماذا نغذّي أبناءنا؟
أو بماذا يتغذى عقل ابني عندما يجلس لساعات طويلة أمام شاشات التلفاز أو الأيباد أو الألعاب الإلكترونية، أو أمام وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها.
ماذا يدخل في عقول أبنائنا من صور ومشاهد إلى وعيهم ولا وعيهم قد لا يمحوها الزمن، وكم نحن حريصون على حمايتهم مما تبثّه تلك الأجهزة من غذاء يؤثر على شخصياتهم وتعرّضهم للاعتداء؟
فمثلما أنَّ هناك مخاطرًا للغذاء على المستوى الجسدي والصحي لأطفالنا؛ كذلك هناك أضرار على صحتهم وسلامة عيونهم وتعرّضهم للتنمر والأذى.
حيث ذكر موقع مايو كلينك mayoclinic عن أ ضرار عديدة لوسائل التواصل الاجتماعي منها دراسة أجريت عام 2019 على أكثر من 6500 من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عامًا في الولايات المتحدة أن أولئك الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يوميًّا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يتعرضون لخطورة كبيرة بسبب مشكلات الصحة العقلية والجسمية.. .
إن ما سبق ذكره من آثارٍ أو غيرها تجعلنا كأولياء أمور أمام مسؤوليةٍ كبيرة بالاتزان في انتقاء الغذاء الصحي المفيد لأبنائنا، وانتقاء كل ما يغذّي ويطوّر وينمي عقولهم ، لينموا أصحاء أسوياء قادرين بالنهوض بدورهم مستقبلاً ،فأبنائنا هم نتاج تربيتنا، وهم رجال الغد وعماد المجتمع.