المقالات

كل إنسان مهم ... كل طفل مهم

د. رنا الصيرفي

من العبارات التي تقال عندما يتسآءل شخص أو يتذمر عن لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الحشرات أو أي كائن حي آخر يسبب الأمراض أو مزعج، هي عبارة " كل شيء خلقه البارئ مهم"، بالرغم من أن سبب الأهمية قد يكون مجهولاً أحياناً، ويحتاج إلى بحث، لكن يبقى المبدأ "أن كل شيء خلقه البارئ مهم".

فإذا كانت كل المخلوقات التي خلقها الله عز وجل هي مهمة، فكيف بالإنسان الذي كرمه الله. فكل إنسان مهم، ولم يخلق عبثاً.

إن مفهوم أهمية كل إنسان هو مفهوم أساسي، وهو محفز للنجاح، فمن لا يرى أهمية لنفسه لا يسعى لتطويرها، ويصبح إحراز النجاح شيئاً صعباً. فالنجاح في أي مجال يستلزم في الأساس رؤية الإنسان لأهميته، وأن وجوده ليس كعدمه، وهو أساس الثقة بالنفس.

وأفضل فترة في حياة الإنسان لتنمية شعوره بأهميته هي فترة الطفولة، فهذه الفترة يكون الغرس فيها أسهل وأسرع. فمن لا يشعر بأهميته وهو في سن الشباب مثلاً، ويريد أن ينمي هذا الشعور لديه، سيتطلب جهداً أكبر، فغالباً ما يكون الغرس أصعب كلما كبر الإنسان، فالأفكار السلبية التي تناقض مفهوم "انه انسان مهم" والتي يحملها عن نفسه تكون كثرت، وترسخت وهي تحتاج إلى اقتلاع لتثبيت أفكار أفضل عن نفسه.

فكل طفل يحتاج أن يعلم بأنه بحد ذاته مهم، ولا تنبع أهميته من المهارات التي يتقنها، بل العكس فشعور الطفل بأهميته يساعده على تنمية المهارات المختلفة لديه. فلأنه يرى أهميته فهو يسعى إلى تنمية وصقل مهاراته المختلفة، وإلى التميز بأدائه. فإذا بنيت أهمية الطفل على المهارات التي يمتلكها، أو النجاحات التي حققها، فإن أي تجربة غير ناجحة أو خطأ يرتكبه تعني أنه أصبح غير مهم، وهذا غير صحيح.

و الطفل الذي لا يرى أهمية لنفسه، غالباً ما يكون أكثر عرضة للوغول في أمور تعرضه للخطر، أو تؤثر سلباً على مستقبله، فحياته – من وجهة نظره- ليست مهمة. في إحدى المقابلات مع بعض المدمنين الذين هم في طور التشافي، قال أحدهم إن أول سبب لإدمانه هو افتقاده للشعور بأنه إنسان مهم وله قيمة، وبالتالي فلا أهمية لحياته أو وجودة، ولا ضير من تدميرها، وأن أصعب مرحلة يمر بها في طور التشافي هي إعادة شعوره بأهميته.

إن تنمية شعور الطفل بأهميته، غالباً ما يبدأ في أسرته، فالوالدان لهما الدور الأهم في ذلك. فعندما تكون النظرة للطفل بأنه "مجرد طفل" يختلف عن النظرة له بأنه "إنسان مهم، وله دور في هذا العالم"، وسينعكس ذلك على أسلوب التعامل معه. وهذه النظرة بدورها تساهم في تشكيل قيمة الطفل لدى نفسه.

إن تعزيز نظرة الطفل لأهميته يحتاج أن يتماشى مع نظرته للآخرين بأنهم مهمون أيضاً. فيحتاج أن يعرف كما أنه مهم في هذا العالم فكذلك كل إنسان آخر. إن هذا المفهوم يساعده على احترام الآخرين، وإن اختلفوا معه، وانه لا يستطيع أن يهين أي شخص أو يقلل من أهميته.

هذا الشعور لدى الطفل بأهميته وأهمية كل إنسان آخر يسهم في تحقيق التكامل الإنساني على وجه الأرض، فلنذكر أبناءنا بأن بداخلهم نفحة من روح الله، وكذلك كل إنسان آخر، وأنها لم توضع عبثاً.

الداعم الرئيسي لبرنامج "كن حرا"

Image

تابعونا على