بقلم أ. شفيقة الغسرة
كل ماهو موزون مضمون عندما أخبز خبزاً ذات قوامٍ طريٍ وهشٍ أشعر بالفخر والسعادة لهذا الإنجاز نتاج الموازين الدقيقة في مقاديره باستخدام ميزان حساس يضمن نجاحه، وباتباع الطرق الصحيحة في عمليات العجن والتخمير والخبز.
وكلنا نحتاج لهذا الميزان في كل مواقفنا ومعاملاتنا لنضمن جودة العلاقات فيما بيننا، والحاجة له ماسة وضرورية في التعامل بيننا ، وفي العلاقة بيننا وبين أطفالنا أيضاً .
كثيرة هي الكلمات التي نوجهها لأبنائنا قد لا ندرك ماهيتها ومدى حجمها على نفوسهم تصدر منا نتيجة مواقف وأحداث يومية، فأما أن يكون طابعها الجمال والارتياح أو البخس والتقصير .
مثلاً قد يصدر خطأ من أحد أبنائنا ويتم تنبيهه ولكنه قد يتكرر معه لاحقًا فنُسِمعه كلمات تعبر عن غضبنا واستيائنا فنقول له على سبيل المثال: لا فائدة منك وستظل على هذا الحال، ولن تتغير ولا فائدة ترجى منك.
أو يرفض عمل واجباته المنزلية في وقت ما ويكون ردنا : وما يهمني أديتها أو أهملتها، فالشهادة لك لا لنا فلماذا نضيع وقتاً وجهداً لا نحصل منه على فائدة!
يسمعها وقد لا يعلق ولا يستطيع الرد حينها وتكون في عالم النسيان بالنسبة لنا، لكنها تستقر مثقلة بمعانٍ غير مريحة في عقله الباطن تسبب له شعور غير جيد في نفسه وتفقده الثقة بنفسه وقدراته وتترسخ جذورها كلما زاد مخزون الكلمات التي نُخسِر ميزانها ولم نحاول إصلاح عطبها .
وبإمكاننا استبدالها بكلمات تلطف قلوبهم وتقوي عزيمتهم وتساعدهم على تصحيح أحوالهم عندما نضعها على كفة هذا الميزان الحساس ليوزن ويقدر كل كلمة نوجهها لهم.
مثلاً أنت قادر على تجاوز هذا الخطأ وتغيير حالك للأحسن ونحن دائماً بجانبك، نساعدك وندعمك لكي تكون أحوالك جيدة.
كلماتنا لأبنائنا قوة ٌ وأمان، أما أن تكون رافعة مشجعة داعمة تدفع وترفع نحو الاعتزاز وبناء الشخصية الإيجابية الواثقة بقيمتها ودورها الإنساني، أو تكون قوة تهدم وتحطم ما خصصه الله لهم من قدرات ومميزات لتحقيق غاية وجودهم في الحياة.
فلتكن كلماتنا ذات ثقل في كفة الميزان، تستقر بمعانٍ جميلة في عقولهم ومشاعرهم وتعرج بهم لعالم السمو والرفعة وتمدهم بالثقة والقدرة على تحقيق قيمتهم الإنسانية وتمكنهم للمواقع اللائقة بهم وتحميهم من التعرض للانهزام في منعطفات الحياة وتساعدهم على حماية أنفسهم من أي اعتداء لفظي أو جسدي أو جنسي.
فنحن قادرون وكلماتنا ثمينة ولها الثقل والمعنى الكبير في نفوسهم نتريث قبل التفوه بها، ونضعها على كفة الميزان القسط، لتأخذ مجراها الصحيح في نفوسهم ونجني معهم ثمرها اليانع في موسم حصادها.