أ.فضيلة حماد
لمحت خالة سالم وجه ابن أختها الذي كان نائماً معهم في ذلك اليوم، إذ يبدو الخجل والتردد على ملامح وجهه، وكأنه متورط بأمر ما، في الوقت الذي كان ابنها يحضّر شطيرة شهية لوجبة فطوره، فسألته مابك ياسالم؟ أومأ برأسه قائلاً لها لاشيئ لاشيئ، محاولاً تقليد ابن خالته في اعداد وجبة مشابهة، فهو لم يعتد على ذلك أبداً، وأخذ سالم يسال نفسه ترى لماذا يقوم ابن خالته بذلك مع وجود والدته.!!!
إن اعتماد أبنائنا على أنفسهم تعتبر مهارة من المهارات الأساسية، التي ينبغي تنميتها لديهم ، ولذلك طرق ووسائل متعدده من أهمها تشجيعهم على المساهمة في الاعمال التي تناسب قدراتهم، وأعمارهم، وكذلك الإعتماد على أنفسهم في إنجاز بعض الأعمال الأخرى كترتيب غرفهم، وخزائن ملابسهم، وحقائبهم المدرسية، واعداد وجبات خفيفة كالشطيرة مثلاً .
هناك من يستطيع من الأطفال الاعتماد على أنفسهم للقيام بأمور أساسية تتناسب مع أعمارهم وقدراتهم، و هناك نسبة ليست بقليلة من الأطفال ممن يعتمد اعتمادا كبيراً على الآخرين في توفير حاجياته كأمهاتهم أو العاملات، مما يفقدهم فرصة التعرف على مهاراتهم وقدراتهم والقيام بتطويرها ، وقد يعزز فيهم صفة الاعتماد على الآخرين بحيث يصبح كنتيجة لذلك شخصية اتكالية أو كسولة تميل إلى استصعاب الامور. ويستطيع الآباء أن يلعبوا دوراً هاماً في تربية الأطفال على الاعتماد على النفس وذلك من خلال السماح لهم بالتجربة ليقوموا بأمورهم بأنفسهم حتى ولو لم تكن النتيجة مثالية كما نود أن تكون، وأيضا من خلال التدرج في إسناد المهام التي لا تشق على الطفل وفي ذات الوقت تعطيه شعوراً بالأهمية والقدرة على الإنجاز والمساعدة.
فالطفل الذي يستطيع أن يعتمد على نفسه ويتدرج في الأعمال التي يقوم بها حسب سنه وقدرته، تقوى شخصيته ويستطيع أن يتصرّف في الأزمات وفي المواقف الصعبة بطريقة أفضل من الطفل الذي يعتمد في تدبير أموره على الآخرين. فقد يرمي الطفل مخلفّات الأكل أو الثياب المتسخة أو أدواته المدرسيّة على الأرض بدل وضعها في المكان المناسب معتقداً بأن ترتيبها ووضعها في مكانها هو من اختصاص الكبار في المنزل. وللآباء فرص كبيرة لغرس الاعتماد على النفس لدى الطفل من خلال الممارسات اليومية والمواقف الصغيرة، والطلب منهم بالقيام ببعض الأمور المناسبة لهم والتي لم يتعودوا القيام بها، وتشجيعهم على انجازها خاصة حين يبدأ الطفل في عملها للمرة الأولى.
ان اعتماد أطفالنا على أنفسهم، سيكون له التأثير الإيجابي على شخصيتهم، من حيث اكتسابهم حس المسؤولية، وتنمية فرصة التجربة والمحاولة لإكتساب تلك المهارة والتي سيتوصلون من خلالها إلى الثقة بقدرتهم على أداء تلك الأعمال، كما إن ذلك سيساعدهم على غرس الإستقلالية لديهم، وخاصةً في الأوقات التي نكون بعيدين عنهم، أو يكونوا خارج نطاق الأسرة سواء في المدرسة، أو أثناء زيارتهم للأهل، كما ان اعتمادهم على أنفسهم سيقلل من تعرضهم للإحراج في بعض المواقف والتأزم وخاصة حين يرون أنفسهم لوحدهم، لأنهم قد تعودوا الاعتماد على غيرهم في إدارة وإنجاز أعمالهم
فتشجيعنا لأطفالنا على الاعتماد على أنفسهم، والقيام بأعمالهم مسؤولية ضرورية ومهمة، يساهم بشكل كبير في بناء شخصية مستقلة، وجيل قوي معتمد على نفسه، سيجني ثمار ذلك حاضراً ومستقبلاً.