استكمالاً للحلقة السابقة، يواصل مركز "كن حراً" تناول الأسئلة التي ترد من الأطفال وأولياء الأمور حول التنمر.
تأثير وآثار التنمر
• ما تأثير التنمر على الطفل؟ وهل الموضوع خطير؟
التنمر من الأمور التي يجب أخذها بجدية، لتأثيره الكبير والعميق على أغلب الأطفال، وخاصة الأطفال الذين يتعرضون للتنمر ولا يجدون أي مساعدة أو دعم.
فالتنمر قد يكون له أثر أو أكثر من الآثار التالية، والتي غالباً ما تحطم ثقة الطفل بنفسه بدرجة كبيرة، فينظر لنفسه على أنه شخص غير جدير بالاحترام، وغير قادر على حماية نفسه،
وخاصة إذا لم يكن لديه أصدقاء أو زملاء مساندون له، فإنه غالباً ما يبدأ بالاعتقاد بصحة الكلام الذي يردده المتنمر عليه، وتصبح نظرته لنفسه تتشكل مما يقوله المتنمر. هذا بدوره قد يقود الطفل إلى الشعور بالاكتئاب، وبسبب ضعف ثقته بنفسه فإنه قد يتعرض لأنواع أخرى من الاعتداء، مثل الاعتداء الجنسي.
من ناحية أخرى فإن إحساس الطفل المتعرض للتنمر بأنه غير قادر على حماية نفسه وأنه ضعيف، وفاقد للسيطرة والقدرة على التحكم في هذا الوضع، قد يجعله لا يواجه التحديات المختلفة في حياته بل يختار الهروب من المشاكل، أو الاستسلام للشخص المتسلط عليه، مما يجعله ضحية تنمر طوال حياته، سواء في عمله، أو من خلال علاقاته الاجتماعية المستقبلية.
وغالباً ما يفضل الطفل المتعرض للتنمر عدم التواجد في المكان الذي يتواجد فيه المتنمر، فإذا كان المتنمر طالباً في المدرسة فإنه يتغيب عن المدرسة، مما يؤثر على مستواه الدراسي، وإذا كان المتنمر من الأهل، فإن الطفل قد يرفض مرافقة أهله في الزيارات أو التجمعات العائلية التي قد يتواجد فيها الطفل المتنمر.
• ما تأثير التنمر على المراهق؟
تشير الدراسات، ومنها دراسة أجرتها جامعة تكساس، إلى أن المراهقين الذين يتعرضون للتنمر أول مرة في مرحلة المراهقة، غالباً ما تكون آثار التنمر عليهم أعمق وتأثيرها أكبر على حياتهم المستقبلية من الذين يتعرضون للتنمر في مرحلة الطفولة.
فبالإضافة إلى الآثار المذكورة أعلاه عن تأثير التنمر على الطفل، فإن الكثير من المراهقين الذين يتعرضون للتنمر، ينزعون إلى الشعور بالاكتئاب، وتكوين صورة سلبية جداً عن أنفسهم، وقد يتعامل البعض بعنف وبعدوانية مع الآخرين. كما يلجأ البعض إلى الانعزال والانطواء، أو استخدام المواد الكحولية أو المواد المخدرة.
• كيف يمكن معرفة أن الطفل يتعرض للتنمر؟
قد لا يتحدث الطفل عما يتعرض له من تنمر في المدرسة إما خشية تهديد الطفل المتنمر، أو لاعتقاده بأن عليه أن يحل الموضوع بنفسه، أو لعدم اهتمام الأهل في حادثة سابقة، وقد يلجأ بعض الأبوين إلى توبيخ الطفل، ونعته بنعوت مثل "جبان"، "غبي"، أو غيرها من التسميات التي تجعل الموقف أصعب عليه، فيفضل عدم الحديث عما يحصل له.
للتعرف على ما إذا كان الطفل يتعرض للتنمر، فهناك بعض العلامات التي من المهم ملاحظتها .لا تعني هذه العلامات أو الأعراض تعرض الطفل إلى التنمر بالضرورة، لكن من المهم تقصي الموضوع إذا كانت لديه بعض منها، مثل أن يكون في حالة قلق من الذهاب للمدرسة، أو أن يشعر بالصداع وآلام البطن أيام المدرسة، أو تغير في درجاته، أو طلبه المستمر للمال، أو وجود كدمات على جسمه، أو ثيابه الممزقة، أو شرود الذهن.
كما أن الملاحظة الدقيقة لطبيعة علاقاته عن قرب أكثر سواء في المنزل ومع أخوته، أو في الأماكن التي يذهب لها، أو في المدرسة يساعد كثيراً على التعرف على ما يتعرض له.
ولعل من أهم النواحي هي بناء علاقة مع الطفل، بحيث يستطيع من خلالها التحدث مع والديه في التحديات التي تواجهه. قد لا يبوح الطفل بما يتعرض له من أول مرة يتحدث فيه والداه معه، ولكن مع مرور الوقت، وشعوره بأنه قادر على التحدث بحرية، وبدون أن يتعرض لانتقادات جارحة سيجعله أكثر انفتاحاً شيئاً فشيئاً.
إن هذه العلاقة لا تساهم في التعرف على ما إذا كان الطفل متعرضاً للتنمر فحسب، بل إنها تساهم في حمايته أيضاً من التنمر، وهو ما سيتم التطرق له في الحلقة القادمة.