أ.فضيلة حماد
يحتاج الإنسان أن يأخذ قرارات بصورة مستمرة وفي مواقف مختلفة في الحياة اليومية، وهي عادة تتمثل في الأعمال والسلوك والكلمات. وهذه القرارات قد تكون صائبة أو لا تكون، وما يساهم في ذلك هو عملية التفكير قبل اتخاذ القرار، فهي تساعد على أن يكون القرار مناسباً وأن تكون تبعاته ايجابية، بعكس تلك القرارات التي تفتقر لعملية التفكير حين اتخاذها والتي قد لا تكون مناسبة ومن الممكن أن تنتج عنها تبعات سلبية.
إنّ عملية اتخاذ القرار والتفكير في الجوانب المختلفة والتبعات التي قد تنتج عنه هي مهارة مهمة ومن الممكن تنميتها وتطويرها كأي مهارة أخرى لا سيما لدى الأطفال. فحاجتهم إليها لا تقل أهمية عن حاجة الكبار حتى ولو بدت المواضيع التي يقرونها بسيطة وغير ذات أهمية. فقدرتهم على اتخاذ القرارات وهم صغار يساعدهم في التدريب عليها وممارستها بشكل أكثر نضوجاً كلما تقدم بهم العمر. فالأطفال يواجهون مشكلات وتحديات حتى في اللعب ويأخذون قرارات بناءاً عليها ولكن قد لا يدركون أن هذه الأمور الصغيرة تعتبر قرارات أيضاً وأنّ لها تبعات تؤثر عليهم وعلى علاقاتهم بالآخرين.
إنّ تنمية مهارة التفكير قبل اتخاذ القرار لدى الأطفال تساهم في بناء شخصيّتهم وثقتهم بأنفسهم، وتقلل من تعرضهم للمشكلات والمفاجئات، حتى حين لا يكون أولياء أمورهم معهم لإرشادهم، وستكون لديهم فرص أكبر للنجاح وذلك لتجنبهم الكثير من الأخطاء والاحباطات. ويستطيع الآباء تدريب الأطفال على ذلك من خلال المواقف الحياتية اليومية وفي المجالات المتكررة، فحين يقرر الآباء شيئاً يتعلق بالعائلة أو بالطفل، ويكون باستطاعة الطفل أن يتفهّم أبعاده، يستطيعون أن يشرحوا الأسس التي بنوا على أساسها ذلك القرار بالكيفية التي يمكن للطفل أن يدركها بحسب فهمه وعمره، ومن جانب آخر، يستطيعون هم صناعة مواقف مختلفة يكون للطفل فيها مجال لاتخاذ القرار دون أن يترتب أي ضرر أو حرج على الطفل أوعلى ذويه. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يحرص الآباء على مساعدة الطفل في أن يكون لديه خياران أو ثلاثة للباسه ووقت فراغه وطريقة دراسته وغيرها، وأن تكون تلك الخيارات مقبولة من الآباء بحيث إن اختار الطفل أياً منهم لا يكون هناك ضرر أو أذى، وهنا يطلب الآباء من الأبناء الاختيار ويساعدونهم في أن يكتشفوا عواقب كل اختيار، السلبية منها والايجابية، ومن ثم يتركوا له القرار. إن ممارسة أساليب كهذه مع الأطفال تساهم في التدريب العملي لكيفية أخذ القرار من جهة، وتخلق مجالاً للتواصل بين الآباء وأبنائهم من جهة أخرى، فيشعر الأبناء بثقة آبائهم وتواصلهم واحترامهم لهم.