أ. فضيلة حماد
عندما كنا صغاراً، كنا أطفالاً نلعب ونمرح في باحة بيتنا ومع أصدقائنا، نعيش وننعم بحياتنا، نرضى بالقليل من الزاد والملبس، نلعب ألعاباً جميلةً لا تكلفنا شيئاً، لا نشعر بالملل والسأم. كنا نقتنع بما نملكه من ألعاب، ونقّدر قيمتها لأنها تضيف لحياتنا متعةً وجمالاً.
هكذا كانت حياة أغلبنا في ذلك الزمان، وما جعل لحياتنا قيمةً ومعنى هو شعورنا بالمتعة والفرح بما نعمل، فقد كنا ننام باكراً حالمين بيومٍ جميل، ثم ننهض صباحاً مع نسمة هواء عليل، وإشعاعات نورٍ من شمس للتو أشرقت، نقوم من نومنا مشتاقين إلى اللعب والمرح والمشاركة مع أطفال من عمرنا فنزداد فرحاً وسعادة.
خلقنا الله أطفالاً وجمّلنا بفطرةٍ نقيةٍ صافيةٍ، وحياتنا البسيطة ساعدتنا في أن ننعم ونستأنس بأبسط ما فيها.
أما اليوم فقد بتنا في زمنٍ يظن فيه الناس بأن توفير الماديّات والإفراط في المشتريات لأطفالنا هو سبب سعادتهم وشعورهم بالمتعة في الحياة ، بينما علينا أن نعي بأن سعادتهم واستئناسهم لا يكمن في الحياة المرفهة، ولا باختيار الأشياء غالية الثمن، حيث تختلف نظرتهم للأمور من حولهم عن نظرتنا نحن.
فقد يعيش أحدهم في قصرٍ كبيرٍ تتوافر فيه كل مستلزمات الحياة، وتراه يحب ويختار الشيء الذي يُشعره بالمتعة والسعادة، ليس مقياسه قيمة الشيء، أو سعره، أو مصدره، فقد يختار يوماً اللعبة رخيصة الثمن، وأحياناً يختار غالية الثمن، وأحياناً يرغب في الألعاب التي لا تكلفه ثمناً كان يلعب بالرمل والماء أو تشكيل الصلصال، وقد يختار اللعبة التي يشعر أثناء ممارستها بمتعة المشاركة مع أقرانه، فمقياس الأشياء عنده ليس ثمنها ولا مصدرها، كما الكبار، إنّما مقياسه للأشياء بما تضيفه لحياته من متعة وسعادةٍ وجمال.
فواجبنا كآباء أن نتفهّم نظرة أطفالنا للأمور الماديّة من حولهم وأن ندرك بأن مقياسهم هو قدر ما يحصلون عليه من متعةٍ وسعادة، تلك السعادة التي لها طعمٌ ومذاقٌ جميلٌ في حياتهم، بعيدةً عن حياة الرفاهية التي طالما حلم بعضنا بتوفيرها، وهذا يدعونا لأن نبدأ من الآن بتغيير نظرتنا لهم بعد أن عرفناهم وعرفنا نظرتهم لتلك الأشياء من حولهم.